تذكر الكتابات المسمارية الطينية في بلاد بابل ما بين النهرين (العراق حالياً)، أن أول صانع للعطور في التاريخ المسجل هي امرأة تدعى “تابوتي” وصنفت كأول كيميائية في العالم.
حينما وجد علماء الآثار سجلاً لأعمالها في النصوص المسمارية التي يعود تاريخها الى 1200ق.م، حيث كانت تصنع الزيوت العطرية ليس فقط كروائح لأغراض تجميلية، ولكن أيضاً لأغراض طبية وللطقوس الدينية.
ويسند الباحثون والخبراء الفضل بعد الله لتابوتي في إرساء أُسس وتقنيات صناعة العطور في الزمن الحالي، فهي أول من استخدم أجهزة التقطير التي تستخدم في صناعة العطور، وهي أول من استخدم عملية التشبع البارد.
وجد علماء الآثار اسم “تابوتي” منقوشاً على زوج من الألواح المسمارية المكتشفة خلال عمليات التنقيب في جنوب تركيا، والتي كانت جزءاً من بلاد ما بين النهرين البابلية في الألفية الثانية قبل الميلاد.
على الألواح الطينية سجلت “تابوتي” تركيبات العطور التي استخدمتها والخطوات التي اتبعتها لإنتاج الروائح، ولحسن الحظ يعرف العلماء ما يكفي من اللغة المسمارية لإمكانية ترجمة هذه النصوص.
قام العلماء الأتراك الذين يعملون بالتعاون مع أكاديمية الرائحة التركية وجمعية ثقافة العطور (Dernegi Koku) بإجراء دراسة مكثفة حول طرق وأساليب صناعة العطور في بلاد بابل القديمة، حيث شارك ما يقرب من 15 خبيراً في هذه الدراسة، ومن بين هؤلاء الخبراء البروفيسور (محمد أونال)، وهو عالم الآثار من جامعة أوزيجن.
وقالت الخبيرة العطور ورئيسة أكاديمية الرائحة (بيهتر توركان أرغول): في هذه اللوحة تمكنا من العثور على إجابات لأسئلة مثل كيفية إنتاجها للرائحة وكيف أجرت عملية التقطير.
ولصنع عطورها القديمة، كشفت النصوص المسمارية أن الكيميائية “تابوتي” استخدمت مزيجاً من أنواع الزهور المختلفة، والزيت، القصب، سايبروس، المر، الفجل، التوابل، البلسم، وكانت تخلط تركيباتها المختلفة مع الماء أو المذيبات الأخرى، وتقطيرها ثم ترشح منتجها السائل عدة مرات لتكوين تركيبة عطر بابلي أنقى وأكثر تركيزاً.
ومن هذا الخليط البسيط من مكونات عطر الكيميائية “تابوتي” تمكن صائغوا العطور اليوم من إعادة إنشاء أقدم عطر تم تسجيله في التاريخ البشري.
اكتشاف المزيد من ثقافات العطور
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.